top of page

الكرت المحروق

تاريخ التحديث: 15 أغسطس 2023

تعتبر النظرة السلبية تجاه الأفراد الذين يُعتبرون الورقة "المحروقة" في بيئاتنا المهنية والاجتماعية ، للأسف ، واقعًا شائعًا. هل تساءلت يومًا عن مغزى هذا المصطلح والتصورات الخاصة به؟ نتوجه في هذا المقال النقاشي المعمق لبحث جذور هذا المصطلح، المشير بشكل عام إلى تجاوز قيمة الشخص بسبب إدراك متزايد لعدم جدوى هذا الشخص. سنستكشف كيف يتم رؤية هؤلاء الأفراد عبر عدسة الهزيمة، وتصورهم كفاشلين في غالبية أو كل جوانب مجالاتهم. كما سنتداول حول آثار هذه التسمية السلبية على الثقة بالنفس للأفراد وقدرتهم على التقدم، وكيف يمكن أن تهدم ثقتهم في مكان العمل والمجتمع بشكل أكبر.

ree

في سبيل استكشاف العوامل التي تكون الأساس في دفع الأفراد للوصول إلى ما يعرف بـ "مرحلة الكارت المحروق"، نجد أن الحالات الأكثر شيوعًا تقع عادةً تحت اثنتين من الفئات المحددة ببياناتها السوسيولوجية المَرشَّحَة.


أولًا، الأفراد الذين يمكن أن يعزى دخولهم لهذه المرحلة إلى أساليبهم السلوكية الغير منتجة.

ثانياً، الأفراد الذين أصابهم الظلم بسبب منظومة فساد بعض الأشخاص.


في كل من الحالتين، يتسلل الإحباط للوعي الجماعي، والتعافي ليس بالمهمة المُستهانة؛ خصوصًا إذا كان الفرد ما زال يتفاعل مع البيئة السائدة والأفراد ذاتهم. في بعض الأحيان، قد يكون الخيار الأمثل لتلك الأفراد هو التطلع نحو تغيير محيطهم والإنفصال من حاضرهم وواقعهم.


أن تكون جديراً بثقة الآخرين خير لك من أن تكون جديراً بحبهم.

استناداً إلى الفهم العميق المترتب على الأهمية الحاسمة للتحليل الفردي والتصنيف المفصل وفقاً لأبعاد الحالة الكلية للفرد، يساعد وجهة النظر الاحترافية، الاجتماعية، والنفسية، بالإضافة إلى السياق الأسري في دعم هذه العملية، ومراعاة الأحداث ذات الأثر المباشر و غير المباشر، مثل التوتر النفسي، انعدام التعاطف، الضغوط، العزلة، الخوف، صعوبات الاتصال والتفاعل، الاستسلام للرهبة والقلق، الاعتمادية على نماذج السلوك الغير صحي، وفي الظروف الشديدة، الميل لاستخدام المخدرات، جميعها تزيد من التعقيد.


في الظروف المذكورة، يُصاب الأفراد بما نسميه بـ"الاحتراق النفسي" أو "burnout"، وهو اضطراب يتميز بمجموعة من العلامات والأعراض والتغيرات السلوكية التي تعترض مسارات الأفراد الاحترافية والاجتماعية والعائلية. يمكن أيضًا أن يشمل التغييرات في التركيب الفيزيائي والوظائف الحيوية والتحليلات الكيميائية الحيوية للمصابين بهذا الاضطراب، و يُعترف بهذا الاضطراب كمرض ناتج عن الإرهاق الناجم عن التعرض المطوّل لضغوطات ثابتة، الذي يُصنف ضمن الأمراض المهنية المحملة بالمخاطر النفسية والاجتماعية. كما في حالة الأفراد الذين يُسببون هذه المشكلات ووصولهم إلى هذه المرحلة، يصبح التمسك بثقافة الفهم الذاتي أسهل نسبياً في هذه المرحلة. فمجالات العلاج والتعديل يتعين أن تكون مستوحاة من نماذج السلوك المنتجة للضغوط. بالمقابل، أولئك الذين تعرضوا للظلم يجدونه أكثر صعوبة في تحديد مجالات التعديل الخاصة بهم، وفي الواقع عملية التصحيح يجب أن تتجه نحو القاصين وليس فقط نحو الأفراد المتضررين.

ree

_______________________________________

هُناك لحظات يجبُ على المرء أن يختار ما بين أن يحيى حياتهُ بالطريقة التي يُريدها كُليا بحُرية تامة ، أو ما بين أن يُجر ليحيى حياة ضحلة كاذبة تتطلب الكثير من النفاق والمُداهنة للاستمرار. - أوسكار وايلد

من منطلق تطوير الوعي العام، يمكننا التقدم بخطوة مهمة تجاه الفهم المُعمق لتحديد أسباب بروز متلازمة الاحتراق النفسي، حيث تبرز تجارب الألم والفشل المتكررة كأهم العوامل المساهمة.حيث يكتسب فهم لهذه القضية أبعادًا أكثر شمولا وأهمية علمية بارزة.


تحت ركن الدراسات الطبية التي أجريت في السابق من قبل مؤسسات موثوقة، تم دراسة هذه المتلازمة النفسية كمشكلة كانت تتعلق بشكل أساسي بالمهن التي تقوم بدعم ومساعدة الآخرين (Freudenberger, H., 1974). تعتبر هذه الفهمية المحدودة من المتلازمة للجماهير عامة قد جعلت الظاهرة تبدو رمزية أو مجازية بدلاً من مشكلة طبية حقيقية، وهو الأمر الذي طغى على توجيه البحوث المبكرة المتعلقة بالموضوع.


لكن مع طي الأيام وتطور الفهم العلمي والتراكم المعرفي، توسع نطاق تأثير متلازمة الاحتراق النفسي ليشمل جميع الأفراد بغض النظر عن طبيعة عملهم أو نشاطهم. واليوم، تُصنف هذه المتلازمة كمرض طبي حقيقي يتطلب الاهتمام والتأكيد الكامل من المجتمع الطبي العالمي.


نقدم الجدول التالي الذي يوفر ملخصًا للنتائج الهامة التي استخلصت من الدراسات السريرية المبكرة، وتحليل خلفيات التجارب الشخصية، بالإضافة إلى الأبحاث المنهجية (Freudenberger, 1974). يشدد الجدول أيضاً على أهمية اعتبار التنبؤ الذاتي مدروس بواسطة "Freudenberger" الذي تجرب تجربة الاحتراق النفسي بنفسه.

بعض الأعراض المختلفة، تم رصدها لدى مرضى الاحتراق النفسي

أشخاص أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض

بعض المهن تشكل مخاطر أكثر من غيرها

آلام عامة

أشخاص لديهم مثل عليا في الأداء والنجاح

مهن تستلزم جهد فكري وعقلي ووجداني وعاطفي

فقدان التركيز

أشخاص يربطون الرضا عن الذات بالأداء المهنى

مهن تستدعى مسؤولية كبيرة لا سيما تجاه الآخرين

أرق

أشخاص آخرون مركز اهتمامهم الوحيد هو عملهم

مهن ذات أهداف صعبة المنال بل قد تكون مستحيلة

سرعة الاستثارة

أشخاص يعتبرون عملهم ملاذا ويهربون من جوانب الحياة الأخرى

مهن بها غموض أو صراع على الأدوار

نفاذ الصبر

أشخاص أنجزوا جهدا ووقت في المهنة ولم يتطور مع فوات السنين

مهن لا يوجد بها شفافية في قياس أداء العمل والأنتاج

الإنهاك الجسماني والنفسي

​أشخاص لا تتوفر لهم فرص إثبات الذات في ظل بيئة فاسدة

مهن تعمتد على العلاقات الشخصية أكثر من الإعتماد على الكفائات البشرية

فقدان الدافعية للنهوض والذهاب للعمل

أشخاص يرتبط عملهم بشكل مباشر على رضاء أفراد وليس على الانتاج والكفائة المهنية

مهن تستلزم تصادم من المبادئ والاخلاق أو الإعتقادات الفردية للشخص

ree


عندما تعطيك الحياة سبباً لتيأس ، اعطها ألف سبب للاستمرار ، لا شيء أقوى من إرادة الإنسان على هذه الأرض. - ديل كارنيجي



التعافي من الضرر:

يوطد التقدم الحاصل في ميدان البحوث العلمية تأكيدنا بأن تعقيدات المسار الشاق نحو التعافي من متلازمة الاحتراق النفسي، تتطلب فهمًا للعديد من المعايير الضرورية (Maslach & Leiter, 2005). يتأثر هذا المسار بمكونات عدة من بينها شخصية المصاب، بيئته الاجتماعية، والفرص المتاحة له لإدارة الفاعليات المؤثرة في حياته.


علاوة على ذلك، يظل التفاعل مع البيئة الخارجية في تأطير الخاص والعام للشخص، بمثابة المتغير الرئيسي الذي يشكل أهمية حاسمة في تحديد مسار هذا الطريق نحو التعافي (Hobfoll et al.,2018).


في تشابكات الحياة المعقدة والصعبة، قد يثير التحدي جانبا من الصعوبة الذي يتطلب مساعدة الخبراء النفسيين أو الاجتماعيين لتقديم يد المساعدة لتوضيح برنامج علاجي يتناسب مع الظروف الفردية لكل حالة.


عدة استراتيجيات علاجية تبدو كفاءة في التعامل مع متلازمة الإحتراق النفسي، تشمل العلاج النفسي الفردي، العلاج الثقافي، العلاج الطبيعي والتحفيز الكهربائي المغناطيسي الارتجاجي بالإضافة إلى الأدوية وبرامج إعادة التأهيل (Kakiashvili et al., 2013).


العلاج التكميلي يمكن أن يكون بمثابة عامل داعم إضافي في هذا المسار، حيث يقترح الباحثون استخدام العلاج العائلي، العلاج الفردي، العلاج الجماعي والاستراتيجيات الإبداعية التي تتفق مع احتياجات الأفراد (Drury et al., 2014).


في التطورات الملحوظة للبحث العلمي، يمكن الرجوع لمثال الجدول السابق الذي يخضر بالمعلومات المفيدة حول أمثلة لبعض المهن والسياقات التي قد تواجه متلازمة الاحتراق النفسي، الذي يبرز الأثر الذي قد يتركه هذا الإرهاق على المصابين، وكيف يمكن أن يصل الى مستوى حيث يتسبب في خلق أضرار نفسية واجتماعية جسيمة. ومن المهم استخلاص النصائح والتوجيهات البناءة من التجارب.

  • الخطوة الأولى تحديد المسببات الفعلية والاعتراف بها

في إطار مقالة علمية، يعتبر تحديد المسببات الفعلية والاعتراف بها الخطوة الأولى والمأسورة في مواجهة التحديات وحل المشاكل، ويتعين على الشخص تحديد المسببات المتصلة بالمشكلة والإعتراف بها قبل أن يمكنه إحراز أي تقدم حقيقي.


ينبغي تحليل الأوضاع بشكل موضوعي والتفريق بين العوامل المسببة الداخلية، التي تتعلق بالشخص نفسه ويمكن التحكم فيها، والعوامل الخارجية، المرتبطة بالبيئة الاجتماعية والتي لا يمكن التحكم فيها، ويتبع ذلك مراحل التحليل والتفسير اللازمة قبل الانتقال إلى التطوير والتحسين.


أحد أفضل وأسرع الوسائل لتحقيق آثار إيجابية يتمثل في بذل جهود لتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة وجعل الهزائم دافعًا للنهوض والتغيير الإيجابي، ويعتمد ذلك على استخدام المهارات المكتسبة في مجال التفكير والتخطيط والتغيير الإبداعي، من أجل إعادة إعمار الذات وتعلم تقنيات فعالة للتعامل مع الملفات الصعبة والقضايا الحساسة.

  • الخطوة الثانية التخطيط وشحذ المنشار

في مرحلة علاج الاحتراق النفسي، يتعين على الفرد أن يأخذ فترة إجازة وراحة من الأمور المرهقة جسديًا وفكريًا. هذه التوقف المؤقت يسمح للشخص بإعادة النظر في حياته الشخصية من منظور موضوعي وإيجابي للتغيير. يتم تحقيق الاستراحة والتجديد من خلال تحفيز عملية استعادة التوازن النفسي وانتهاج استراتيجيات التجديد للعودة إلى طبيعته الفعّالة.

من المفترض أن يعزز تطبيق مهارة "شحذ المنشار" التي عرفتها العادات السبع للناس الأكثر فعالية لستيفن كوفي قيام الفرد بمعالجة جوانبه السليمة بالاستعانة بخمسة أبعاد: الديني، العقلي، الجسدي والصحي وأخيرًا الاجتماعي والعاطفي. تقديم هذه التقنية سيضمن توفير الحلول البديلة في حال الفشل ويحافظ على الناتج الذاتي من التدهور.

في هذا السياق، يتضمن استراتيجية الأبعاد الخمسة للتجديد إعادة تخطيط رحلة الشفاء من الإحتراق النفسي باستخدام أساليب مناقضة وحقيقية تساعد على التغلب على آثار هذه الحالة بشكل جذري ومستدام. إن الهدف من هذه العملية هو الحفاظ على أعظم الأصول المتاحة لدى الفرد وتمكينه من التعافي وتعزيز نجاحه في المستقبل.

ree
أخذ إجازات قصيرة تساعد على تحقيق هدف فترة الهروب أو يمكن تسميتها "إستراحة فارس" والتي تستغل في تصفية الذهن وتحليل مسببات القضية ومخرجاتها بشكل واضح وموضوعي ووضع الخطط العملية من خلال استراتجيات فعالة تحقق الاهداف بشكل ايجابي وفعال.

  • الخطوة الثالثة التطبيق والمواجهة والتغير

ما يفرض بالقوة غالباً لن يتغير الا بالقوى، وكذلك تغير الانطباعات السيئة والوسم المطبوع في أذهان الاخرين ليس بالأمر السهل خاصة في حالة غياب الفرص المناسبة والبيئة الصحية السليمة.


لذلك يجب على الشخص أن يمتاز بقوة العزم والمهارات الضرورية والكافية لخلق الفرص وبناء بيئة التغير الايجابية المناسبة. وفي هذه المرحلة يبدأ الشخص في تطبيق تلك الخطط والاستراتجيات للتعامل بها مع الوضع الراهن وكذلك إيجاد الحلول البديلة وإنشاء تنوع لسبل التغير للخروج من حالة الاحتراق النفسي الى عس ذلك، ويجب أن تمتاز تلك الخطط بالمرونة الكافية في مواجهة التغيرات الغير متوقعة وأيضا الأخذ في الاعتبار عوامل المخاطر المصاحبة لتلك الإجراءات المتخذة والقرارات المعمول بها.

  • الخطوة الرابعة الرقابة والتصحيح المستمر وايجاد البدائل

ليست دائما نتائج ومخرجات الخطط ناجحة حتى لو كانت سليمة ْالتأسيس والمبدأ، كما أن رقابة الذات تساعد في التحكم في السلوك وتهدف إلى الحفاظ على المعايير السلوكية. ويؤدي تطوير رقابة الذات إلى التنظيم وخلق الإحترام الذاتي والتعاطف الحقيقي للأشخاص المحيطين وإصلاح المشاكل السلوكية التي قد تظهر. أما بالنسبة لخطط العلاج، فقد تساعد الرقابة، مثل مدى التحمل، واتخاذ الإجراء التصحيحي والتوجيهي فور اكتشاف المشكلة، والالتزام بالاتجاهات الإيجابية للسلوك.


كما أن إدارة التغير الذاتي هي مجموعة من التقنيات التي تساعد على تحقيق التغيير والاستجابة للتغيرات المحيطة. تشمل على الصعيد العملي فوائد مثل قضايا الموارد والتنظيم ومعايير جودة التنفيذ والحياة، وتطوير معالجات الاهداف قصيرة المدى التي توفر النمو والتحسن وتحقيق سبل للنجاح.


يعمل التغير الذاتي عادةً عبر التوجهات المختلفة، من بحث البيئة لتعرف التحديات التي قد تحدث وتحديد رؤية تخطط لتحقيق التغيرات المطلوبة. تشمل البحث على تقديم الحلول المناسبة وتحليل الآثار المتوقعة للتغيير، وتساعد المنظمات لتطبيق إدارة التغير الذاتي على تحديث نظامها بتطوير الإدارة والتكنولوجيا والموارد لتلبية احتياجات العملاء.


في نهاية مطاف هذا النقاش المهم، نتذكر القيمة الجوهرية لإدارة التغيير الذاتي ودورها في تعزيز التنمية المستدامة والاستراتيجيات الإدارية المركزة على تعزيز الكفاءة وتحسين خُطط التغيير الرئيسية. إن هذا يمكن أن يكون عنصراً حاسماً في تجنب حالات الاحتراق النفسي، الأمر الذي قد يكون صعب العلاج على الرغم من الموارد الطبية المتاحة والعلاجات الشخصية المبنية على الدعم النفسي.


هذا البحث يشير إلى أن العلاج ذو النهج الشامل يوفر للأفراد الذين يعانون من الاحتراق النفسي فرصة للعودة إلى حالة نفسية واجتماعية ومهنية مرضية. كما يمكن أن يقلل من المعاناة المرتبطة بالألم وانقطاع الاتصال بالواقع- من ضمن أمور أخرى- التي قد تكون نابعة من حالة الاحتراق النفسي.


مشاركتي في هذا النقاش أضفت بقدر كبير على فهمي للأفراد الذين يناضلون ضد الاحتراق النفسي وكيفية تمكينهم من التغلب على هذا الاحتراق وتحقيق تعافي جسدي واجتماعي ونفسي متوازن. إنها تعمل كمنارة توجهنا نحو تحقيق فهم أكبر للنفس، العلاقات الاجتماعية، والنفس الإنساني.



1 تعليق واحد

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
Black Boston
Black Boston
02 أكتوبر 2021

جميل جدا أبدعت في الطرح أبو بدر 💯


حقيقة أن لا يكاد أن يخلوا أي شخص منا الخوض بهذة التجربة والمرور في تلك المرحلة في حياتنا. والمصطلح Burnout ترجم الى الاحراق النفسي.


وأتفهم جداً صعوبة الخروج من ذلك الشعور بالفشل والهزيمة مع استمرار ضغوط الحياة، وبدون منهجية سليمة فعلا يكون الإنسان سهل الكسر في ذلك المستوي من الضعف.



إعجاب

الفكرة

نموذج الاشتراك

شكرا للتقديم!

©2025 by bandarion.com

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
bottom of page